يُواصل المغرب
ترسيخ أسس نموذج وطني استباقي وفعّال في تدبير الكوارث الطبيعية، من خلال إطلاق
أوراش كبرى تهم إحداث 12 منصة جهوية للمخزون والاحتياطات الأولية، وهو مشروع ملكي
يُجسّد الانتقال الفعلي من منطق التدخل بعد الأزمة، إلى منطق الاستباق والجاهزية
المؤسساتية.
انطلاقة أشغال أول منصة جهوية للمخزون بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، هي
ترجمة عملية للتوجيهات الملكية الواردة في جلسة العمل المنعقدة بتاريخ 20 شتنبر
2023، مباشرة بعد زلزال الحوز، واستمرارا للرؤية الاستراتيجية التي عبّر عنها
جلالته في خطابه السامي لافتتاح الدورة البرلمانية يوم 8 أكتوبر 2021، والتي أكد
فيها على ضرورة تعزيز السيادة الوطنية في أبعادها الصحية والغذائية والوقائية.
مشروع ملكي
يتكامل مع خطة العمل الوطنية 2020-2030
لا ينفصل هذا
الورش الملكي عن المسار الوطني الأشمل الذي أطلقته المملكة منذ سنة 2017، في أفق
إعداد خطة عمل وطنية لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية، تماشياً مع أهداف "إطار
سنداي" الأممي للحد من مخاطر الكوارث (2015-2030)، والذي يدعو إلى تبنّي
مقاربات شاملة ومندمجة لحماية الأرواح والممتلكات، وتعزيز صمود الأقاليم والسكان.
بالعودة الى
الوراء قليلا ، وُضعت هذه الخطة الوطنية
في إطار تشاركي واسع، بمساهمة مؤسسات الدولة والسلطات المحلية، وبشراكة مع هيئات
دولية متخصصة، حيث تم اعتمادها كمرجعية استراتيجية للفترة 2020-2030، بهدف تأطير
السياسات العمومية في مجال الوقاية من الكوارث، ومواجهة آثارها الاقتصادية
والاجتماعية والبيئية.
خمس محاور و18
برنامجًا في قلب الاستراتيجية
تتوزع خطة العمل
الوطنية لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية على خمسة محاور استراتيجية تشمل: تعزيز
حكامة تدبير المخاطر الطبيعية، تحسين المعرفة وتقييم المخاطر، الوقاية وتقوية
القدرة على المواجهة، الاستعداد للكوارث والتعافي السريع، ثم تشجيع البحث العلمي
والتعاون الدولي.
وتشمل هذه الخطة
18 برنامجًا متكاملًا، يهدف كل منها إلى تعزيز قدرة المملكة على مواجهة التحديات
المناخية والجيولوجية.
كما تستند الخطة
إلى أربع دعامات مؤسِّسة تتمثل في: إشراك جميع الفاعلين المحليين والمركزيين،
تنويع مصادر تمويل المشاريع، دعم البحث العلمي والابتكار، وتعزيز التعاون الدولي
والمؤسساتي، بما يكرّس مقاربة مندمجة واستباقية في مجال الحد من المخاطر وتعزيز
الصمود الترابي والمؤسساتي.
وفي هذا السياق،
تأتي المنصات الجهوية لتترجم فعلياً أهداف هذه الخطة، عبر تمكين كل جهة من تجهيزات
ومعدات احتياطية يمكن تعبئتها فورياً خلال الكوارث، بما في ذلك الخيام، المستشفيات
الميدانية، أدوات تصفية المياه، معدات الكهرباء، وسائل الإطعام السريع، والأدوية.
المغرب كنموذج
إقليمي للصمود
تُعد مبادرة
إحداث هذه المنصات الجهوية للمخزون إحدى أبرز حلقات هذا التوجه الوطني، الذي يجعل
من المغرب نموذجًا رائدًا على المستوى الإقليمي في ترسيخ ثقافة الوقاية والاستعداد
الشامل، مع الحرص على التموقع ضمن الدينامية الدولية في مجال مواجهة الكوارث،
لاسيما في ظل تزايد التحديات المرتبطة بالمناخ والمخاطر الطبيعية والبيئية.
وستُمكّن هذه
المنصات، البالغ عددها 12، من الاستجابة لما يعادل ثلاثة أضعاف ما تطلبه زلزال
الحوز من موارد لوجستية وبشرية، وهو ما يكرّس مفهوم الصمود الوطني المندمج، ويؤكد
أن حماية الأرواح والمجالات الترابية تشكل اليوم أولوية في الأجندة الاستراتيجية
للمملكة.