تعيش جهة العيون الساقية الحمراء، ومنذ عدة
سنوات، على إيقاع تنمية مندمجة على كافة الأصعدة، بفضل الرؤية المولوية السامية
الرامية الى جعل الأقاليم الجنوبية قطبا اقتصاديا واعدا على جميع المستويات،
ومجالا خصبا للاستثمار.
فبفضل النموذج التنموي
الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة، الموقع بين يدي جلالة الملك محمد السادس،
بمناسبة تخليد الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، والذي مكن من
تعبئة مختلف الطاقات لحفز مسلسل التنمية في الميادين ذات القيمة المضافة العالية،
بهدف ضمان كرامة المواطن الذي يوجد في صلب كل السياسات والمبادرات الملكية
السامية، أصبحت جهة العيون الساقية الحمراء تنعم بتنمية مندمجة، وببيئة جاذبة لفرص
الاستثمار والأعمال.
ولعل من أبرز المشاريع
الكبرى، التي يتم انجازها بهذه الجهة، في إطار هذا النموذج، الذي يعد برنامجا
مندمجا تتكامل فيه مختلف القطاعات من أجل تحقيق قفزة نوعية للاقتصاد، مشروع الطريق
السريع تيزنيت – العيون، الذي يوجد في مراحله الأخيرة، والذي سيمكن من خفض كلفة
الإنتاج ومدة السفر بين مدن داخل المملكة والأقاليم الجنوبية، الى جانب كلية الطب
والصيدلة، والمركز الإستشفائي الجامعي، ومدينة المهن والكفاءات، والمدارس العليا
والمعاهد، والتعبئة المتواصلة للسلطات لتيسير توطين استثمارات حاملي المشاريع
بالجهة في مختلف المجالات.
والى جانب ذلك، هناك
أوراش الطاقات المتجددة التي تضم الوحدات الكهربائية، والمحطات الشمسية والحقول
الريحية، التي رأت النور خلال السنوات الأخيرة، بالجهات الجنوبية الثلاث ، وخاصة
بجهة العيون الساقية الحمراء، والتي كلفت استثمارات تقدر بمليارات الدراهم.
فهذه المشاريع تضع المغرب
اليوم على مستوى دولي من حيث القدرة التنافسية لإنتاج الطاقة الكهربائية.
وفي الواقع، تساهم مشاريع
الطاقة الاستراتيجية بشكل كبير في تحسين ضمان التزويد بالطاقة، وفي تلبية الطلب
المتزايد على هذه المادة الحيوية، من المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، وفي
الإشعاع الدولي للصحراء المغربية.
كما أن الموقع
الاستراتيجي لجهة العيون الساقية الحمراء، ومناخ الأعمال الملائم ، الذي يستمد
ديناميته أساسا من الإصلاحات التنموية والمشاريع المهيكلة التي يقودها صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، تمنح فرصا متنوعة للاستثمارات الأجنبية، وهو ما يؤدي
الى تزايد المؤشرات على تحول منطقة الصحراء المغربية إلى قبلة هامة لرؤوس الأموال
الأجنبية بفضل الإمكانيات الكبيرة التي تزخر بها المنطقة.
فهذه الجهة تزخر بفرص
عديدة ومتنوعة للاستثمار في مجالات الاقتصاد البحري ، الذي يوفر إمكانيات هامة في
قطاع الصناعة التحويلية المرتبطة بالصيد البحري، والذي يشكل إحدى رافعات التنمية
بالجهة ، الى جانب ما يوفره هذا القطاع من مقدرات هامة في ميدان إنتاج الهيدروجين
الأخضر والطاقة الريحية.
وفي مجال الطاقات النظيفة
تتوفر جهة العيون الساقية الحمراء على حقول لإنتاج الطاقة الشمسية (حقل نور العيون
ب 85 ميغاوات) وحقل (نور بوجدور ب20 ميغاوات) بالإضافة الى أن هذه الجهة تطمح
قريبا إلى إنتاج 1500 ميغاوات .
كما تتوفر هذه الجهة الى
جانب إمكانياتها في مجال الفلاحة، وبفضل بنياتها التحتية في ميدان الطرق والموانئ
والنقل الجوي ، والمناطق الصناعية ،على مؤهلات هامة في القطاعات اللوجيستيكية
والصناعية، تؤهلها لأن تصبح منصة للتجارة الدولية.
ومن أجل تشجيع الاستثمار
على المستويين الوطني والجهوي فقد تم على مستوى جهتي العيون الساقية الحمراء و
الداخلة وادي الذهب ، توقيع اتفاقيات الشراكة والتعاون بين البنك الشعبي وجمعيات
“مبادرة”، تهدف إلى مواكبة وتشجيع المبادرات المقاولاتية على مستوى الجهتين.
وتهم هذه الاتفاقيات
تحديد الإطار العام للتعاون بين المؤسسات المذكورة، لمواكبة حاملي المشاريع
والمقاولين الذاتيين والمقاولات الصغيرة جدا، التي توجد في طور الإنشاء، في كل ما
يتعلق بتوفير المعلومات اللازمة والاستشارة والمساعدة، بالإضافة إلى تمكينها من
التمويل الضروري لإنجاز المشروع.
ويتم بموجب هذه
الاتفاقيات تشجيع عملية إنشاء المقاولة، عبر تبادل المعلومات الاقتصادية وتنظيم
تظاهرات وبرامج ترويجية وتمكين الطاقات الشبابية والمقاولاتية بالجهتين من الاستفادة
من هذه الإجراءات، ومن العروض التي يقدمها البنك الشعبي بما فيها قرض “انطلاق”.
وتروم هذه الاتفاقيات
أساسا، والتي من شأنها المساهمة بشكل كبير في خلق الثروة وقيمة مضافة على المستوى
الجهوي، تشجيع الاستثمار وتكريس ثقافة روح المبادرة على المستوى الجهوي، ومواكبة
الشباب حاملي المشاريع والمقاولين الذاتيين والمقاولات الصغيرة جدا، وتأهيلهم
وتطوير مشاريعهم وعصرنتها.
وعلى المستوى الدولي ومن
أجل تشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل فقد تم عقد لقاء عبر تقنية التناظر المرئي بين
مدراء مراكز الاستثمار الجهوية في الأقاليم الجنوبية ورؤساء مقاولات بولونية
المهتمين بالسوق المغربية.
وتم خلال هذا اللقاء
إبراز إمكانات الاستثمار ومناخ الأعمال المواتي في الأقاليم الجنوبية، والفرص التي
تتيحها هذه الأقاليم، التي أصبحت منطقة للاستثمارات بامتياز، بفضل مؤهلاتها
الجبائية والجغرافية المتعددة.
وخلال زيارتهم لمدينة
العيون عقد رؤساء مقاولات بولونية ، لقاءات ثنائية (بي 2 بي) مع نظرائهم المغاربة،
وقاموا بزيارة مشاريع كبرى لاستكشاف فرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وتهدف هذه اللقاءات،
المنظمة من طرف المركز الجهوي للاستثمار، إلى إطلاع أعضاء البعثة الاقتصادية
البولونية، التي زارت مدينة العيون، على الجهود التنموية للمغرب في الصحراء،
والمشاريع الكبرى للبنيات التحتية المنجزة في مختلف القطاعات، في إطار النموذج
التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.
وقد مكنت هذه اللقاءات
رجال الأعمال البولونيين من الاطلاع بشكل مباشر على الفرص الاستثمارية التي توفرها
جهة العيون – الساقية الحمراء، خاصة في القطاع الصناعي، إلى جانب المزايا
التنافسية لهذه الجهة، وعوامل الإنتاج، والتكاليف المناسبة للطاقة ، بالإضافة الى
تمكينهم من استكشاف سبل الشراكة مع نظرائهم المغاربة، بهدف إرساء شراكات وفرص
أعمال قادرة على خلق الثروة ودعم التشغيل.
وشكلت هذه اللقاءات التي
كانت تتويجا للعديد من الاجتماعات التي عقدها سفير المملكة المغربية ببولونيا
السيد عبد الرحيم عثمون، فرصة للمستثمرين البولونيين للتعبير عن إعجابهم بالطفرة
التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب وأشادوا باستراتيجية المملكة،
لاسيما في المناطق الجنوبية.
وفي نفس السياق تم تنظيم “جهويات الاستثمار” حول
إحداث مقاولات بهذه الجهة الذي أصبح إجراء “سهلا للغاية ” بفضل مواكبة المركز
الجهوي للاستثمار وآليات التمويل التي وضعتها السلطات العمومية.