في غفلة منا، لبت السيدة امباركة
محمود الزروالي نداء ربها و رحلت عنا إلى دار البقاء.
رحيلها كان موجعا لنا جميعا. لكن ليس أمامنا
سوى الرضى بقضاء الله و قدره، و الذي لا راد له.
امباركة الزرولي شكلت الاستثناء في زمن
استثنائي، رأت النور بمدينة العيون في خمسينيات القرن الفائت،
حيث ترعرعت
و درست بالمدارس الاسبانية.
فبعد أن ولجت العمل في سن مبكر من عمرها، و
اختارت اثير راديو العيون لتعبر من خلاله الى أذان و أفئدة المستمعين
و المتابعين لهذا المنبر الاعلامي الحديث النشأة آنذاك، وكانت فترة السبعينات من
القرن الماضي، هي بداية انطلاقتها الأولى في ظرفية سياسية صعبة، لتواصل
توهجها في ثمانينيات و تسعينيات القرن العشرين، و لم يقف سقف طموحها عند هذا
الحد، بل انخرطت رفقة مجموعة من صديقاتها في تجربة مدنية، عدت
في تلك الفترة من اوائل التجارب المدنية التي عرفتها مدينة العيون.
و استطاعت رغم شح الامكانيات وقلة الدعم
البشري و غياب التمويل و التحديات الجمة، التي تواجه كل تجربة مدنية
جديدة و فتية، ان تتمكن من الصمود و العمل بصمت و هدوء، و بالتالي
تنجح التجربة التي خاضت غمارها، و تنتزع رفقة اعضاء جمعيتها مجموعة من
المكاسب و الحقوق لذوي الإعاقة.
فكانت تجربة جمعية مساندة الأشخاص ذوي
الإعاقة، تجربة فريدة و نوعية، و ذلك بشهادات هيئات ومنظمات
وطنية و دولية.
امباركة محمود الزروالي إعلامية
متمرسة بالقسم الإسباني لراديو العيون ، لم تتوقف عن الممارسة الصحفية رغم توقف
نشاط و بث القسم الاسباني، بل واصلت الكتابة الصحفية، و
نشرت العديد من المقالات بعدة منابر دولية ناطقة بالإسبانية.
راكمت الراحلة تجربة إنسانية و ابداعية
مهمة فبالاضافة إلى هواية الفنون التشكيلية و الكتابة الادبية، كانت حاضرة
متابعة و مساندة لمجموعة من الحالات الإنسانية، فأنتشلت اطفال ذوي الإعاقة من
الاهمال و التهميش والإقصاء، و وساعدت على ادماجهم في الأنشطة التربوية و
الاجتماعية و الرياضة...الخ، و التي اطلقتها جمعية " لاداف".
فأطفال أحياء العيون "خراطوريا،
لابوركو، الباريو سمنتريو، خرسيتو، الزملة ..."، سيظلون محتفظين
بذكريات جميلة و رائعة مع الراحلة، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد
، فبصماتها تشهد عليها كل مدن الصحراء.
إعلامية متميزة و فاعلة مدنية و ناشطة
حقوقية و مبدعة تشكيلة، و إنسانة طيبة، خلفت وراءها تركة إنسانية، ستظل
ظلالها وافرة، مادامت تجربة جمعية مساندة الأشخاص ذوي الإعاقة متواصلة و مستمرة .
و امام هذا المصاب الجلل تعجز الكلمات و
العبارات أن تفي الراحلة كامل حقها.
و لا يسعنا في هذه اللحظات المؤثرة
إلا ان نقول، اللهم تغمدها بواسع رحمتك و عظيم مغفرتك ارزق
اهلها و ذويها الصبر والسلوان.
و انا لله و انا اليه راجعون.