الأستاذ الحسن لحويدك : رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب .
يخلد
الشعب المغربي الذكرى الواحدة والأربعين لاسترجاع وادي الذهب ، هذا الحدث التاريخي
البارز في مسيرة استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية ، يشكل محطة مفصلية
حاسمة جسدت التلاحم المتين بين العرش والشعب في تحرير وإستعادة هذا الإقليم
المجاهد إلى حظيرة الوطن الأم في 14 غشت
1979
.
ففي
مثل هذا اليوم، حلت بعاصمة المملكة المغربية الرباط ، وفود من العلماء والأعيان والوجهاء ، وشيوخ مختلف قبائل إقليم
وادي الذهب ، لتجديد وتاكيد بيعتهم للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني ، معبرين
عن ولائهم وتعلقهم بالعرش العلوي المجيد ، ومعربين عن تمسكهم وتشبتهم بمغربية
الصحراء ، وبالوحدة الترابية والوطنية للامة المغربية ، من طنجة إلى لكويرة ،
بقيادة مبدع المسيرة الخضراء ، ومحرر الصحراء ، جلالة الملك الحسن الثاني، طيب
الله ثراه .
وخلال
هذا اللقاء التاريخي المبارك ، خاطب جلالته قدس الله روحه ، وفود هذه القبائل
الصحراوية قائلا : "إننا قد تلقينا
منكم اليوم البيعة ٬ وسوف نرعاها ونحتضنها ، كأثمن وأغلى وديعة . فمنذ اليوم
بيعتنا في أعناقكم ٬ ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم ، والحفاظ على أمنكم
، والسعي دوما إلى إسعادكم ٬ وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر ، وأغزر حمد
على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر".
وبمناسبة
تلك اللحظة الوطنية التاريخية الكبرى ، قام جلالة الملك ، رحمه الله، بتوزيع السلاح على هذه الوفود ، في إشارة لها
دلالاتها الرمزية في مواصلة الكفاح الوطني من اجل صيانة والدفاع عن الوحدة
الترابية والوطنية .وبعد أشهر ، تجدد اللقاء الوطني التاريخي، حينما حل جلالة المغفور له بمدينة الداخلة ،
يوم 4 مارس 1980 ، في زيارة رسمية، إحتفاء بعيد العرش المجيد ، حيث أستقبل إستقبال
الفاتحين الأبطال من طرف كل القبائل الصحراوية بإقليم وادي الذهب ،والذي يطلق عليه
في التقطيع الترابي الجديد، جهة الداخلة وادي الذهب ، مؤكدين ومعربين على تجديد ولائهم وإخلاصهم لأهداب
العرش العلوي المجيد .
إن
إستحضار ذكرى إسترجاع وادي الذهب ، الذي يصادف 14 غشت، من كل سنة ، مناسبة سانحة
لتسليط الضوء على هذا الحدث الوطني ، والوقوف عند المكاسب السياسية والمنجزات
الاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي تحققت بالأقاليم الجنوبية عامة ، وجهة
الداخلة وادي الذهب خاصة ، التي تحولت إلى قطب إقتصادي مندمج ، ومنطقة تنموية ،
ومنصة للتلاقي بين المغرب وعمقه الإفريقي
، بفضل الإنجازات التنموية والأوراش المتواصلة التي تحققت بكافة الاقاليم الجنوبية
، والتي ستتعزز اكثر بواسطة النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم، الذي خصص له
أزيد من 77 مليار درهم ، توجه لتمويل العديد من المشاريع ، منها مشاريع مهيكلة
كالربط الطرقي بين تيزنيت والداخلة ، وميناء الصيد البحري بالداخلة، وربط مدينة
الداخلة بالشبكة الوطنية للكهرباء ، وتحلية مياه البحر، والمشاريع المهيكلة
المتعلقة بقطاع الفوسفاط وتنميته ، والطاقات المتجددة، فضلا عن برامج تهم مجالات
التعليم والصحة و الثقافة لاسيما العناية بالموروث الثقافي
الحساني ... برنامج متكامل من شأنه تحقيق التنمية الشاملة بالأقاليم الجنوبية،
وجعلها صلة وصل بين عمق المغرب الإفريقي وشماله ، وشركائه في أوربا ، ويتوقع أن
تحدث هذه المشاريع المدرجة في النموذج المزيد من فرص الشغل .
ويحق
القول إن الأقاليم الجنوبية كسبت، منذ استرجاعها، رهان التنمية على جميع المستويات
، وهو ما حفز العديد من الدول الإفريقية على إفتتاح قنصليات عامة لها في كل من
جهتي العيون الساقية الحمراء ، والداخلة وادي الذهب ، وهي مبادرات وخطوات
ديبلوماسية من هذه الدول الصديقة للمغرب ، لتجسيد التعاون جنوب - جنوب، في إطار
معادلة رابح - رابح ، وتأكيد مغربية الصحراء ، بدعم المقترح المغربي الجاد لتسوية
هذا النزاع الإقليمي المفتعل الذي عمر اكثر من اللازم ، ممثلا في مبادرة الحكم
الذاتي ذات المصداقية و الجدوائية و الواقعية ، و تحظى بترحيب و استحسان من طرف
المنتظم الدولي.