دي ميستورا يحل بتندوف تحضيرا للتقرير الأممي المرتقب
الجمعة 4 أكتوبر 2024
بعد أربعة أيام
من اللقاء الذي جمعه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين
بالخارج، ناصر بوريطة في نيويورك، بطلب منه، وصل المبعوث الشخصي للأمين العام
للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، إلى مخيمات اللاجئين في
تندوف، جنوب الجزائر، أمس الخميس، في زيارة رسمية تأتي ضمن جولة جديدة من اللقاءات
مع الأطراف المعنية بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، تحضيرا للتقرير الأممي
المرتقب.
ووصل المبعوث
الشخصي للأمين العام الأممي ستافان دي ميستورا، الى مخيمات اللاجئين بتندوف في
طائرة تابعة للخطوط الجزائرية، حيث وجد في استقباله بأرضية مطار تندوف ممثل جبهة
البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، وعضو ما تُسمى بالأمانة الوطنية
الصحراوية محمد عمار، فضلا عن ممثلين لسلطات ولاية تندوف الجزائرية.
ووفق ما أوردته
تقارير إعلامية تابعة للجبهة الانفصالية، فإن دي ميستورا، بدأ في مستهل هذه الجولة
الأممية بزيارة لبعض المرافق والمقرات والمؤسسات التابعة للجبهة الانفصالية، من
أجل الاطلاع على سير العمل بها، على أن تجمعه لقاءات مع عدد من المسؤولين
والقياديين التابعين للجبهة الانفصالية.
هذا، والتقى دي
ميستورا بزعيم الجبهة الانفصالية إبراهيم غالي، وذلك في إطار جلسات الاستماع وجمع
الآراء والمواقف من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المغرب وجبهة البوليساريو
الانفصالية وراعيتها الجزائر، فضلا عن موريتانيا، لتشكيل صورة شاملة حول تطورات
النزاع، ستكون محور التقرير الأممي المرتقب.
وتتمسّك جبهة
البوليساريو الانفصالية، بما تصفها بخطة التسوية الأممية الأفريقية لسنة 1991،
والتي صادق عليها مجلس الأمن الدولي بالإجماع، معتبرة إياها "الحل العملي
والواقعي الوحيد القائم على التوافق لحل النزاع في الصحراء"، وإقرار ما
تعتبره هي "أحقية الشعب في تقرير مصيره"، وهو نفس التوجه الذي تسير عليه
راعيتها الجزائر التي لطالما زعمت بأنها ليست طرفا في هذا النزاع، رغم الدعم
العسكري والمادي والمعنوي الذي توليه لهذه القضية في إطار معاكسة مصالح المملكة.
وادّعاء
الجزائر، بكونها ليست طرفا في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، فنّده تقرير
الأمين العام لمجلس لمجلس الأمن أنطونيو غوتيريش، الذي أكد أنها تعد بالفعل طرفا
رئيسيا يستلزم مُشاركتها على غرار باقي الأطراف المعنية، في المشاورات الثنائية
التي يعقدها المبعوث الشخصي إلى الصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، كما دعاها
إلى تطوير وتوضيح موقفها من أجل المضي قدما نحو حل سياسي عادل، ودائم ومقبول من
الأطراف لهذا النزاع، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2654، وإبداء حسن نية وروح
الإرادة السياسية الضرورية، إلى جانب المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء
المغربية من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وقائم على روح التوافق،
استنادا إلى قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2018.
وبناء على
عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، من المرتقب أن يبحث الأمين العام للأمم
المتحدة ووزير الخارجية الجزائرية عديد القضايا على الساحة الدولية، في
مقدمتها قضية الصحراء، حيث ستقدم الجزائر
تصورها للوضع الراهن والعملية السياسية، وبسط تبريرات رفضها الانخراط في العملية
السياسية للنزاع عبر صيغة الموائد المستديرة، وهي الفرصة التي لن يفوت قصر المرادية
استغلالها من أجل التأثير في مسار التسوية الذي ترعاه الأمم المتحدة.
أما بالنسبة
لموريتانيا، فقد أجرى محمد سالم ولد مرزوك، وزير الشؤون الخارجية الموريتاني،
نهاية شتنبر الماضي، مباحثات ثنائية مع ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين
العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، تناولت تعاون الجمهورية الإسلامية
الموريتانية في بعث مسلسل التسوية الأممية في نزاع الصحراء المتوقف منذ استقالة
المبعوث الأسبق هورست كولر في ماي 2019، وقال في تغريدة له نشرها عبر منصة
"إكس"، إن "اللقاء تناول علاقات التعاون بين موريتانيا ومنظمة
الأمم المتحدة، وسبل تعزيزها كما تم بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وتسير المؤشرات
الصادرة عن موريتانيا في السنوات الأخيرة، في اتجاه تحول مرتقب يتماهي والتحولات
الايجابية التي يشهدها هذا الملف على الصعيد الدولي والتي على ما يبدو باتت تُخرج
نواكشوط من جب الحياد الايجابي إلى الإقرار الصريح بمغربية الصحراء وتأييد مبادرة
الحكم الذاتي المغربية، لعلّ أبرزها كلمة الرئيس الموريتاني أمام الجمعية العامة
للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، التي أغضبت الجزائر والبوليساريو بعد اكتفى ولد
الغزواني بتخصيص 10 ثوان فقط للملف ليقول إن موقف بلاده "ثابت" بدعم
الجهود الأممية وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الرامية الى ايجاد حل مستدام
ومقبول لدى الجميع، دون الخوض في تفاصيل أخرى أو التطرق إلى موقف الاتحاد الإفريقي
الذي يترأسه حاليًا.
وفي هذا الإطار،
قال الخبير في العلاقات الدولية، حسن بلوان، إن ملف الصحراء المغربية يوشك على
دخول منعطفات حاسمة تدعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة، وذلك
عقب "النجاحات" المتتالية التي حققتها الدبلوماسية المغربية بتوجيهات من
الملك محمد السادس.
بلوان، شدّد على
أن المجهودات التي بذلتها الدبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة أثمرت انخراط دول وازنة في المجتمع الدولي
بمبادرة الحكم الذاتي عن اقتناع تام بكونه الحل الأكثر واقعية وجدية ومعقولية لحل
هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والذي طال أمده، موردا: أن الاقتناع هو
الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية
والأفريقية والعربية، والآسيوية، وكذا روسيا والهند والصين إلى تبني مواقف واضحة
وقوية وشجاعة تؤيد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية".
ونبّه المتحدث،
إلى أن المغرب لطالما التزم بحل سلمي متوافق عليه ضمن الشرعية الدولية والحقوق
التاريخية والقانونية، وهو الأمر الذي تؤكده قرارات مجلس الأمن منذ سنوات
باعتبارها الجزائر طرف في النزاع أكثر من باقي الاطراف، ضمن القرار 2703 في اكتوبر
عام 2023، مشدّدا على أن انخراط المغرب بحسن نية في العديد من اللقاءات الاممية
وترافعه لصالح هذا الملف، يبرهن للعالم أنه صاحب حق وشرعية، كما يبرهن اكثر بتشبته
بالحلول السلمية التي تجنب المنطقة مغامرات مجهولة العواقب تقودها الجزائر وفق ذات
المتكلم.
ويرى أن المملكة
المغربية ووفقا لهذه المستجدات الدينامية تفاوض من موقع القوة الهادئة في إطار
الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام وافقت عليه ودعمته معظم دول العالم، وبذلك
فالمملكة لا تفاوض حول أقاليمها الجنوبية بقدر ما تبحث عن فرص للسلام والأمن
الدائمين على اعتبار أن السيادة الوطنية ومغربية الصحراء قضايا مقدسة عند المغرب
والمغاربة.
وكان دي ميستورا
وبطلب منه، قد أجرى لقاء مع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي
والمغاربة المقيمين بالخارج، وهو اللقاء الذي جدد فيه المسؤول المغربي التأكيد على
الثوابت الأربعة لموقف المملكة بخصوص حل الصحراء، وعلى رأسها أن لا حل للنزاع
المفتعل إلا من خلال مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي تقدم بها
المغرب.