هل تخترق الدبلوماسية المغربية شمال أوروبا؟
السبت 10 غشت 2024
بعد أيام معدودة عن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، انضمت فنلندا إلى كوكبة
الدول المعترفة بمخطط الحكم الذاتي كونه الحل الأمثل لفض النزاع المفتعل، وبذلك
تصبح فنلندا، الدولة الإسكندنافية الأولى التي تأخذ هذه الخطوة وتخرج من
المنطقة الرمادية.
خطوة تمثل تحولا جوهريا ومنعطفا حقيقيا خاصة وأن العديد من المختصين اعتبروا
أنها بمثابة اختراق دبلوماسي لدول أوروبا الشمالية، ما سيساعد مستقبلا على جني
العديد من المواقف المماثلة سواء من قبل هذه البلدان أو من دول أوروبا، ناهيك
عن ذلك فإن الموقف المعلنة يزيد من الإجماع الأوروبي حول هذه القضية.
في هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي، عبد العزيز كوكاس، أن فنلندا تعد أول
دولة إسكندنافية، تنظم إلى مجموعة الدول الداعمة لمشروع الحكم الذاتي الذي تقدم
به المغرب عام 2007 كحل وحيد لقضية الصحراء.
واعتبر كوكاس، أن هذا الموقف الجديد يأتي تأكيدًا على النجاح الدبلوماسي الذي
أعلن عنه الملك محمد السادس، الذي أكد أن قضية الصحراء هي المعيار الأساسي في
تقييم علاقات المغرب مع شركائه على مختلف الأصعدة الاقتصادية
والاستراتيجية.
ويرى المتحدث ذاته، أن دعم فنلندا لمغربية الصحراء يمثل تطورًا مهمًا في
مسار الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أراضيه، مشيرا إلى أن القرار يتماشى مع
الاتجاه العام الذي سارت عليه دول كبرى مثل ألمانيا، بلجيكا، فرنسا، إسبانيا،
والولايات المتحدة، ما يعكس التوجه نحو الإقرار بواقع سيادة المغرب على
صحرائه.
كتبت صحيفة “لي إيكو” الفرنسية أنه في أعقاب قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون بدعم سيادة المغرب على صحرائه، أضحت فنلندا أمس الثلاثاء أول بلد من
بلدان الشمال الأوروبي يدعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدمه المملكة.
وأشارت الصحيفة، التي استعرضت تاريخ النزاع حول الصحراء المغربية الذي تؤججه
الجزائر، إلى أن “المؤيدين للموقف الجزائري أصبحوا قلة”.
وأضاف المصدر، الذي توقف عند عدد الدول التي سحبت اعترافها بما يسمى
بالجمهورية الصحراوية الوهمية، وتلك التي لم تعترف بها أبدا، إلى أن “أعدادها
تضاءلت على مر السنين”.
وأكدت “لي إيكو”، التي سلطت الضوء على الدول التي دعمت سيادة المغرب الكاملة
على صحرائه ومخطط الحكم الذاتي الذي طرحته المملكة، أنه في نهاية شهر يوليوز
“ذهبت فرنسا إلى أبعد من ذلك، حيث صرحت بأن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرج
في إطار السيادة المغربية”.
وحسب كوكاس، فإن موقف فنلندا يعتبر “حبة جديدة” في سلسلة الاعترافات الدولية
التي من المتوقع أن تستمر، مع وجود احتمالية الاعتراف البريطاني بمغربية
الصحراء، وهو ما قد يمثل منعطفًا هامًا في دعم سيادة المغرب على أقاليمه
الجنوبية.
وأكد المحلل السياسي، أن “هذا التحول الدولي سيكون له تأثير كبير على مسار
قضية الوحدة الترابية التي تعاني منها المملكة منذ عقود، والتي عطلت إلى حد ما
جهود التنمية في البلاد”.
وعلى الصعيد الثنائي، يرى عبد العزيز أن هذا الاعتراف يعزز العلاقات المتينة
بين المغرب وفنلندا، حيث من المتوقع أن يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي
والسياسي بين البلدين. ولكن، بحسب كوكاس، فإن الأهم من ذلك هو تأثير هذا القرار
على الدول المؤثرة في مجلس الأمن، خاصة الدول الخمس الكبرى.
وأشار الخبير السياسي إلى أن الخطوة المعلنة تأتي ضمن سلسلة من القرارات
المماثلة التي اتخذتها دول مثل إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، والولايات المتحدة، ما
يضعف موقف جبهة البوليساريو الانفصالية وداعمتها الجزائر.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الخطوة الجزائرية بسحب سفيرها من فرنسا تؤكد تورط
الجزائر في هذا الملف، خاصة أن معظم الدول التي اعترفت بالجمهورية الوهمية لم
تلجأ إلى مثل هذه الخطوة، ولم تصدر أي بيان يندد بالموقف الفرنسي أو غيره.
وخلص المحلل السياسي، عبد العزيز كوكاس، إلى التأكيد على أن الاعتراف الفنلندي
بمغربية الصحراء يعزز مسار الدعم الدولي لمشروع الحكم الذاتي المغربي، ما يفتح
الباب أمام مزيد من الدول لتبني موقف مماثل، ويضعف في المقابل موقف الجزائر
وجبهة البوليساريو في النزاع حول الصحراء.