العيون اون لاين : جريدة راضي نيوز
تقرير عن تدخل القوة العمومية لفض وقفة 23 ماي 2017 للتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون
في يوم 23 ماي 2017،و حوالي الساعة السادسة مساء،في الساحة المقابلة لمخبزة مانولو بشارع السمارة، نظم "التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون" وهو تجمع غير معترف به من طرف السلطات الإدارية ،وقفة تطالب بالحق في الشغل ،تخللتها شعارات شفهية،و أخرى مكتوبة على لافتات تنادي بالاستفادة من نصيبها من ثروات منطقة الصحراء وخاصة الفوسفاط وهو المعدن الذي تستخرجه شركة "فوسبوكراع" التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط من منطقة بوكراع الواقعة على بعد 110 كلم شرق مدينة العيون
وقد سجل تدخل القوات العمومية لفض الوقفة ،يمكن وصفه بالعنيف في بعض الأحيان،ما نتج عنه إصابات في صفوف المحتجين نقلوا على إثرها إلى المستشفى حيث تلقوا العلاجات هناك ومنهم من حصل على شواهد طبية تثبت عجزا طبيا من عدة أيام بفعل الإصابة الناتجة عن التدخل.
وكان مثيرا جدا للاهتمام مشاركة ضابط أمن بزي مدني في الوقفة وهو يحمل جهازا يشبه الى حد التطابق أحد أنواع أسلحة الصعق الكهربائي من مسافة صفر:أي أن استعماله يتطلب اتصالا مباشرا مع الشخص المستهدف وهو من الأسلحة الدفاعية التي تحظرها قوانين بعض الدول بسبب خطورتها على حياة الاشخاص.
وازدادت الشكوك أكثر بوجود اتهامات باستعمال هذا "الجهاز" في صعق الانسة "فطيمتو بوجلال"وهي طالبة ماستر تحضر الدكتوراة في الدراسات السامية و علم الأديان ،تنتمي الى حركة التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون كمطالبة بحقها في الشغل .
- مشروعية التدخل الأمني:
لم يسجل إطلاقا من خلال رصد الوقفة الاحتجاجية للتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين ليوم 23 ماي 2017 ،ما يمكن أن ينزع عنها صفة الوقفة السلمية أو يشير إلى استفزاز المحتجين للسلطات العمومية أو تهديد الأمن العام أو الأمن الخاص للمواطنين.
ويمكن وصف الوقفة وفق ما ينص عليه القانون بالتجمهر غير المسلح من أجل التظاهر السلمي وهي حريات عامة مضمونة دستوريا،حيث أن الفصل 299 من الدستور ينص على ما يلي: "حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي ،وتأسيس الجمعيات ،والانتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات "
وينص الظهير الشريف 1.58.377 بشان التجمعات العمومية على ان التجمعات العمومية تخضع لنظام التصريح المسبق للسلطات المختصة دون الاذن.
غير انه يمنع صراحة التجمعات في الطرق العمومية ولا يعطي هذا الحق إلا للأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والهيئات المهنية والجمعيات المصرح بها بصفة قانونية شريطة تقديم تصريح سابق يسلم الى السلطات 3 أيام على الاقل و15 يوما على الاكثر مع الاعفاء من هذا الشرط لكل خروج الى الشوارع العمومية يتم وفق العوائد المحلية.
ويتيح الفصل 13 من نفس الظهير للسلطات العمومية امكانية منع -بقرار مكتوب – اي مظاهرة ،رغم خضوعها للمساطر و للشروط السابقة، بذريعة تقدير السلطات لإمكانية تهديد الامن العام.
وتنص المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن التجمع السلمي معترف به،ولا يجوز وضع قيود عليه إلا تلك التي يفرضها القانون وتشكل تدابير وقائية لصيانة الامن القومي او السلامة العامة او النظام العام…
وبالنسبة للتجمهر فان الفصل 17 من الظهير الشريف 1.58.377 ينص على أنه : "يمنع كل تجمھر مسلح في الطريق العمومية ويمنع كذلك في هذه الطريق كل تجمھر غير مسلح قد يخل بالأمن العمومي" .
وينص منشور وزير العدل والحريات عدد 92 س3 بتاريخ 12 أكتوبر 2015 على أن القانون لم يوجب التصريح المسبق للسلطة الادارية المحلية بالنسبة للتجمهر الذي لا يمكن ان يتسم بالوصف الجرمي الا في حالة كونه تجمهرا مسلحا أو كونه تجمهرا غير مسلح قد يخل بالأمن العمومي وذلك بعد القيام بكافة الاجراءات المنصوص عليها في الفصلين 19 و21 من الظهير 1.58.377 .
مما سبق فلا يمكن ان نجد أي تفسير لاستعمال القوة لفض الوقفة السلمية للتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون سوى أن السلطة الإدارية قدرت بأنها تجمهر غير مسلح قد يخل بالأمن العمومي ،أي أنها وسمته بالوصف الجرمي.
- فلماذا تتوجس السلطات من الوقفة وتعتبرها عملا قد يخل بالامن العام؟
لقد سبق للتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون ان نظم سلسلة من الوقفات والأشكال الاحتجاجية التي تنادي أساسا بحق الأطر أبناء القبائل المشكلة لنسيج ساكنة الصحراء،بحقهم في الشغل والإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة .وركزت أساسا على ضرورة استفادتها من ثروات الصحراء وخاصة ثروة الفوسفاط الذي تشكل أحد أهم ركائز الاقتصاد المحلي والوطني.
وقد تميزت كلها بأنها حراكات سلمية غالبا ما كان يتم فضها بشكل عنيف وغير متناسب .ومع غياب أي أفق للحوار طور التنسيق الميداني أشكالا للاحتجاج منها خوضه لاعتصام داخل حافلة تابعة لشركة فوسبوكراع والتهديد بحرق الذات من اجل حث السلطات على الحوار .وقد تم اخلاؤها بالقوة بعد استصدار أمر قضائي من قاضي المستعجلات يوعز إلى القوة العمومية بالتدخل وإخراج المعتصمين بالقوة .وقد أعقب التدخل إصابات عديدة في صفوف المعتصمين وعائلاتهم الذي حضرت للمساندة.
وبين الأحد والاثنين 23 و24 أبريل الماضي ،أقدم التنسيق الميداني على خطوة جديدة في الاحتجاج، بنزوحهم خارج المدار الحضري للعيون على غرار مخيم اكديم ازيك، ونصب خيمهم بالصحراء ،ووصفوا الخطوة بأنها انذارية للمسؤولين من أجل حثهم عل فتح حوار جاد معهم في أفق ايجاد تسوية لملفهم المطلبي المتمثل في التشغيل.وقد أعلنوا عن خطوتهم بعد رجوعهم الى العيون وتفكيك خيمهم ما سبب للسلطات الأمنية إرباكا شديدا اضطرت معه الى استعمال مروحية للبحث عن مكان المخيم.
وبالنسبة لوقفة 23 ماي 2017 فيشير الشريط الدعائي الذي أعده التنسيق الميداني للمعطلين بالعيون الى أن شعار الوقفة هو "لا لنهب الثروات…وتسويق المغالطات"في إشارة إلى أن المعطلين أبناء الصحراء لا يستفيدون من نصيبهم في الثروة المتحصلة من بيع الفوسفاط في الأسواق العالمية،عكس ما صرح به المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط من أن فوسبوكراع تساهم في ازدهار الجهة ورخاء ساكنتها .وهو ما يعتبرونه تسويقا لمغالطات.
و بالرغم من الأبعاد التي يمكن إعطاؤها لموقف التنسيق الميداني تجاه ثروة الفوسفاط ،فان ذلك لا يمكن أن ينزع عنها إطار حرية الرأي التي ينص الفصل 25 من الدستور على أن "حرية الفكر والرأي مكفولة بكل أشكالها ."
و من كل هذا فيمكن الخلوص إلى أن التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون هو إطار مدني سلمي ينادي بالحق في الشغل والإدماج وينادي بالحوار مع السلطات والاعتراف بملفه المطلبي ووضعه ضمن جدول الأعمال الرسمي للقضايا الاجتماعية التي يجب حلها في الصحراء. وحتى لجوءه إلى الأشكال الاحتجاجية ذات التأويلات والأبعاد المتعددة تم بدافع إرغام السلطات على الحوار .
و يستخلص منتدى العدالة وحقوق الإنسان من كل ما سبق بأن تقدير السلطات المحلية لتجمهر التنسيق الميداني هو عمل قد يخل بالأمن العمومي هو تقدير مبالغ فيه،ويحكمه التوجس والأحكام المسبقة أكثر من المعطيات الميدانية.ومن الواضح أن المشرع قد فوض للسلطة الإدارية لوحدها حق تقدير مسألة الإخلال بالأمن العمومي رغم أن ذلك قد يشوبه شطط في استعمال السلطة.
- استخدام القوة المفرطة لفض تجمهر 23 ماي .هل له مايبرره؟
مما لا شك فيه أن عمل ضباط الشرطة والأمن يدخل في إطار عمل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين،والذين قد يلجأون إلى استخدام القوة لفرض القانون ،ذلك أن الدولة ملزمة بالحفاظ على النظام العام وتتحمل مسؤولية حماية المواطنين بمن فيهم المشاركين في التجمعات العمومية ويمارسون حقهم في حرية الرأي .
و يلزم الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون أثناء تأدية واجبهم باللجوء إلى أساليب غير عنيفة وان لا يستعملوا القوة إلا في الحالات القصوى .ويجب أن يكون الغرض من استخدام القوة في جميع الحالات حماية الحق في الحياة والحرية وأمن الأشخاص.
تنص المادة 2 من مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين(1979) على أن:" يحترم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، أثناء قيامهم بواجباتهم، الكرامة الإنسانية ويحمونها، ويحافظون على حقوق الإنسان لكل الأشخاص ويوطدونها"
و تنص المادة 5 من نفس المدونة على أنه :" لا يجوز لأي موظف من الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يقوم بأي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو أن يحرض عليه أو أن يتغاضى عنه، كما لا يجوز لأي من الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أن يتذرع بأوامر عليا أو بظروف استثنائية كحالة الحرب، أو التهديد بالحرب، أو إحاقة الخطر بالأمن القومي، أو تقلقل الاستقرار السياسي الداخلي، أو أية حالة أخري من حالات الطوارئ العامة، لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة."
و ينص الفصل 22 من الدستور المغربي على منع المس بالسلامة الجسدية او المعنوية لأي شخص في أي ظرف ،ومن قبل أي جهة كانت،خاصة أو عامة،وان لا يعامل معاملة قاسية او لا انسانية أو مهينة؛
و ينص الفصل 231 من القانون الجنائي على معاقبة العنف ضد الأشخاص أو الأمر باستعماله دون مبرر شرعي ،والمرتكب من أحد رجال او مفوضي السلطة او القوة العمومية أثناء قيامهم بوظيفتهم أو بسبب قيامهم بها؛
و تنص المواد 5،6،7و8 من مدونة قواعد سلوك موظفي المديرية العامة للأمن الوطني على حماية موظف الأمن للحقوق والحريات الفردية والجماعية المكفولة دستوريا وقانونيا دون محاباة أو محسوبية أو تمييز بسبب الدين أو النوع أو العرق أو اللغة او الانتماء السياسي أو الايديولوجي أو النقابي،وعلى منع المس بالسلامة الجسدية او المعنوية لكل شخص وتحت أي ظرف،وعلى امتناع موظف الامن عن كل معاملة قاسية او لاانسانية او مهينةأو شكل من أشكال التعذيب؛
من خلال رصد وقفة 23 ماي 2017 يتبين ان التدخل لفض التجمهر غير المسلح للتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون شابه عنف مفرط من جانب بعض العناصر الأمنية باستعمال الضرب بالعصا ضد أشخاص عزل ،وشكل حادث ضرب "أحمد هربال" بالعصا على الجهة الخلفية من الرأس تصرفا خطيرا من جانب العنصر الذي ضربه والذي لم تكن معالمه واضحة بسبب عدم ترقيم بذلات عناصر التدخل.
و شهدت الوقفة أيضا تصرفات غير مهنية من جانب بعض عناصر الأمن المتدخلين مثل السب والقذف بالعبارات الحاطة من الكرامة الإنسانية والدفع بقوة شديدة . فيما شوهد بعض عناصر الامن بزي مدني وضباط بزي رسمي يطلبون من المحتجين الانصراف بطرق ودية ودون اللجوء الى العنف.
وشكل استهداف الآنسة "فاطمتو بوجلال "من طرف مجموعة من العناصر الأمنية وانتزاعها بالقوة من مرافقين من المحتجين ونزع "لحافها"بطريقة مذلة أحد أبرز معالم التدخل لوقفة 23 ماي 2017 والذي يذكر بحادث صفع السيدة "ب,زينب" يوم 2 أبريل 2016 من طرف أحد العناصر الأمنية أثناء تفريق مظاهرة.
إن نزع لحاف امرأة هو أمر مشين .ويلقى على فاعليه وصمة الإساءة لمبادئ موظفي الأمن الذين يفترض فيهم حماية المواطنين .بل أنه يستوجب المحاسبة القانونية .إذ يطرح سؤال:ما الداعي لفعله من طرف موظفين مكلفين بإنفاذ القانون؟وهل إنفاذ القانون يتطلب نزع لحاف امرأة ؟
و شوهد ضابط بزي مدني يحمل جهازا بيده يشبه جهاز الصعق الكهربائي ويوميء به ,وكان من بين من استهدفوا السيدة "فطيمتو بوجلال" بصراخه الشديد و التهجم عليها .و كان وراءها مباشرة عندما دخلت في موجة صراخ شديدة أعقبها اغماؤها.
و تطلب الأمر نقلها للمستشفى في سيارة اسعاف حيث أجرت فحوصات على الدماغ والجمجمة والكتف و حصلت على شهادة طبية تثبت عجزا طبيا قدره 16يوما .ونقلت أيضا يوم 28 ماي في حالة إغماء بسبب التهاب على مستوى الكتف الأيسر ووخز بالقلب نقلت على اثره للمستشفى لإجراء فحوصات حيث وصفت لها الطبيبة مراهم وأقراص بعد أن أجرت لها تخطيطا للقلب ودعمها بالحقن الوريدي.
و اتهمت "فطيمتو بوجلال " الضابط "و.س" وهو قائد مجموعة بصعقها بجهاز الصعق الكهربائي الذي كان يحمله في يده.وآزرها شهود قالوا بأنهم رأوا الضابط "و.س" وهو يستعمل الصاعق الكهربائي ضدها.وشكل هذا الحادث محور تنديد واسع من قبل منظمات وتجمعات لمعطلين، وقبلية وتعاطفا كبيرا وحملات تتهم قوات الأمن باستخدام أجهزة الصعق الكهربائي ضد المعطلين الصحراويين .وكان لافتا تدخل والدها في تجمع تضامني معها بأن قال بأنهم دافعوا من أجل وحدة الوطن ليجدوا أن هذا الوطن يضرب أبناءهم ويستخدم العصا الكهربائية ضد بناتهم.
و في الواقع لم يسجل خلال وقفة 23 ماي أي ضابط أو عنصر أمني يحمل مثل ذلك الجهاز باستثناء الضابط "و.س" الذي كان يمسكه بيده اليمنى.واعتبر الأمر بالبالغ الخطورة .
- هل الجهاز هو جهاز صاعق أم مصباح يدوي؟
زار وفد عن منتدى العدالة وحقوق الانسان السيدة فطيمتو بوجلال يوم 25 ماي 2017 لتسجيل شهادتها حول الادعاءات بتعرضها للصعق الكهربائي أثناء الوقفة, وقد صرحت بأنه أثناء التدخل ،أصيب زميلها "أحمد هربال" إصابة على مستوى رأسه ،فوقفت بجانبه هي وزملاء لها يطالبون بسيارة إسعاف ،حينما فوجئت بالضابط المدعو "و,س" يوجه لها ضربة على مستوى صدرها ،وبعد أن دفعته بيديها احتجاجا على تصرفه المشين ضد أنثى ،اندفع نحوها مجموعة من العناصر الأمنية بزي مدني ورسمى ومن ضمنهم الضابط الذي باغتها باستعمال الصاعق الكهربائي على مستوى الكتف الأيسر أصابت جسدها بالكامل ،إضافة إلى تجريدها من لحافها وضربها ما سبب لها عدة إصابات .
رواية تعرض "فطيمتو بوجلال " للصعق الكهربائي ،واستهدافها شخصيا وتجريدها من "الملحفة "كانت القاسم المشترك بين مختلف من سألهم المنتدى في اطار التأكد من صدقية ما صرحت به.وتداولت مواقع وصفحات الكترونية على نطاق واسع تسجيلات حية توثق للاعتداء عليها ونزع لحافها ،ويتضمن أحد تسجيلات التدخل في حق "فطيمتو بوجلال" صوتا شبيه بصوت الصاعق الكهربائي.
في 28 ماي 2017 تداولت صحف ومواقع الكترونية ما قالت انه بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني نفت فيه استعمال جهاز الصعق الكهربائي أثناء تفريق مظاهرة 23 ماي التي تمت بشكل سلمي على حد وصفها.وأضافت بأن" المعطيات المتوفرة لدى ولاية أمن العيون تؤكد أن الأمر يتعلق بمصباح كهربائي معدني، جرى حجزه لحظة التدخل النظامي الذي باشرته عناصر القوة العمومية بمكان تفريق الشكل الاحتجاجي، وتم وضعه رهن إشارة دائرة الشرطة التي كانت تشرف على الديمومة"
وأشار البلاغ إلى "أن المعدات والوسائل التقنية المعتمدة من قبل فرق المحافظة على النظام ومكافحة الشغب محددة بشكل حصري، وتخضع لإطار تنظيمي صارم، وهي المعدات التي لا تدخل ضمنها الوسائل والأسلحة البديلة، التي تصنف ضمنها الصواعق الكهربائية".
يلاحظ ان بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني الذي تأخر كثيرا تحرى بالدرجة الأولى نفي علاقة المديرية العامة بأجهزة الصعق الكهربائي عن طريق توضيح الاطار التنظيمي الصارم لمعدات مكافحة الشغب والتي لا يدخل ضمنها "الصاعق الكهربائي".
وبعيدا عما ورد ببلاغ المديرية العامة للأمن الوطني الذي يناقض تماما تصريحات "فاطمتو بوجلال" المعززة بالشهود والوثائق الطبية،فان منتدى العدالة وحقوق الانسان حاول مقاربة الأمر في اطار البحث عن الحقيقة من خلال ما يلي:
- صاعق كهربائي ام مصباح يدوي:
يلاحظ من خلال تحليل الصور(حسب الإمكانات) التي ظهر بها الضابط وهو يحمل الجهاز في يده أنه جهاز كهربائي يشحن من الخلف (مأخذ التيار جانبي) ،به ما يشبه المصباح من الأمام ذو حافة متموجة،كبير الحجم نسبيا مقارنة بيد الشخص البالغ الذي يمسك به.
وهذه الأوصاف تطابق تماما بعض أوصاف أجهزة الصعق الكهربائي التي تتوفر بدورها على مصباح ضوئي في الأمام وحافة متموجة تخفي "الالكترودين "اللذين يمرران التيار الكهربائي لحظة التماس المباشر(الصورة).
و قد أظهر البحث أيضا إمكانية وجود أجهزة مشابهة لكنها تتوفر فقط على مصباح دون الصاعق الكهربائي (الصورتين التاليتين)،لكن حجمه صغير مقارنة بالمصباح اليدوي المتوفر على صاعق كهربائي.
و من هنا فان إقرار بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني بأن الجهاز هو فقط مصباح يدوي لا ينفي احتمال كونه صاعقا كهربائيا.
و على فرض أنه مصباح يدوي تم التحفظ عليه ،فان ذلك أيضا يطرح أسئلة أساسية حول سبب حجز الجهاز والتحفظ عليه أثناء التدخل ،من قبيل:هل استعمل الجهاز في جريمة؟هل يعتبر حمله أو حيازته جريمة بالشكل الذي استدعى مصادرته كتدبير وقائي ؟وان كان كذلك فما الداعي لحمل محجوز طيلة وقت التدخل وتبديد الآثار التي يمكن أن يستدل بها على مالكه؟ و هل تم تسجيل الجهاز كمحجوز لدى النيابة العامة ؟
- تدخل منتدى العدالة وحقوق الإنسان :
في 26 ماي 2017 ،عقد منتدى العدالة وحقوق الإنسان لقاء مع السيد ممثل النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالعيون حيث سلم لجنابه طلبا لفتح تحقيق حول الادعاء باستعمال ضابط أمن لجهاز"صعق كهربائي" خلال تجمهر لمعطلين سلميين ،استجلاء للحقائق،خاصة وأن المعطيات المتوفرة تشير إلى أنه قائد مجموعة ،أي أن له صفة رئاسية في سلك ضباط الأمن تجعله ملما بقواعد إنفاذ القانون والاستعمال المتناسب للقوة.
و تم تسجيل طلب منتدى العدالة وحقوق الإنسان تحت عدد 47-3126-17 ،حيث ضمه جناب نائب الوكيل العام إلى ملف السيدة "فطيمتو بوجلال" التي تقدمت بشكاية ضد الضابط"و.س" يوم 25 ماي وأرفقته بقرص مدمج يتضمن تسجيلات حية توثق للاعتداء عليها.
و في الواقع فقد استمعت النيابة العامة للمشتكية في نفس يوم تقديم شكايتها بتاريخ 25ماي 2017 وتحرير محضر استماع في حينه أمام السيد نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالعيون.
وشدد جناب نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأن النيابة العامة تحرص على التطبيق السليم للقانون ،ولا يمكنها التساهل مع أي ممارسة تخل بالضوابط القانونية التي تحكم عمل موظفين مكلفين بانفاذ القانون،وأنها ستعمق البحث في الشكاية التي أخذ منتدى العدالة وحقوق الإنسان علما بتسجيلها تحت عدد 44-3126-17.
- خلاصات وتوصيات:
- لازال يلاحظ توجس السلطات المحلية والأمنية،من الحراكات الاجتماعية لبعض الفئات ذات الملفات الشائكة،وخاصة تلك المرتبطة بالتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون ،الذي ينظر إلى أساليبه الاحتجاجية الفجائية بأنها تهديد للأمن العام.
- وينبغي على السلطات المركزية والمحلية أن تعيا أن أحد أدوارهما الأساسية تتجلى في تدبير ملف الشغل وفتح حوار مع الفئات ،ذلك أن الحوار يعني الأمل بالنسبة لمعطلات ومعطلين عاشوا مرارة البطالة لسنوات عديدة ،و سيفضي حتما إلى توافقات منتجة.
- إن التجمهر للمطالبة بالحق في الشغل الذي هو حق من حقوق المواطن يجب أن لا يوسم بالوصف الجرمي بسبب تقديرات مبالغ فيها،لتبرير فضه بالقوة والقيام بممارسات حاطة من الكرامة الإنسانية و مهينة.و يجب أن تحكم تصرفات بعض الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ضوابط صارمة وتثقيفا قانونيا فيما يتعلق بالأفعال التي يجرمها القانون.
- ينبغي معرفة أن المجتمع الصحراوي تحكمه تراتبية تبوئ شيوخه من كبار السن مكانة مرموقة،و يكونون ذوي مصداقية،وعندما يجتمع الشيوخ ليتكلموا بحرقة عن معاناة أبنائهم في وطن ناضلوا من أجله،فهذا مؤشر على أن الاحتقان قد بلغ مداه.و هو مؤشر يجب أن يدفع الدولة إلى إعادة تقييم سياسياتها تجاه الواقع اليومي للمواطن الصحراوي؛
- ينبغي الإشادة بسرعة الإجراءات المسطرية التي باشرتها النيابة العامة للبحث في شكاية السيدة "فطيمتو بوجلال" في الاعتداءات التي تعرضت لها والموثقة بالصوت و الصورة،وكذا في الاستعمال المحتمل للصاعق الكهربائي ضدها.و هو الأمر الذي كان على المديرية العامة للأمن الوطني التريث في شأنه،رغم أن بلاغها ساهم في التوضيح أن سلاح الصعق الكهربائي لا يدخل ضمن معداتها الوظيفية.
- يوعز منتدى العدالة وحقوق الإنسان إلى مقرره الوطني للجنة القضاء و العدالة الجنائية متابعة ملف "فطيمتو بوجلال" إلى أن تقول العدالة كلمتها.